عام مضى بكل إنجازاته و إخفاقاته. كان 2018 عاماً حافلاً بالتغييرات في كافة النواحي وخاصة في مجالات الطاقة المتجددة للعالم أجمع وها نحن نبدأ عاماً جديداً نأمل أن يكون عامراً بالخير والتقدم والرخاء حيث تبشر 2019 بان تكون سنه مثمره لتكنولوجيا الطاقة النظيفة. حيث تعيش العديد من الدول والمناطق والمجتمعات حالة إيجابية من الوعي بأفضلية الطاقة المستدامة وأهمية التحول إليها. لا سيما هذا المشهد الذي يتطور بسرعة الصاروخ في المملكة العربية السعودية والمنطقة العربية والخليجية بشكل خاص. خاصةً بعد الخطوات الواسعة التي تتخذها المملكة لتحقيق رؤية 2030 منها اتفاقية سوفت بنك ويليها مدينة الملك سلمان للطاقة في المنطقة الشرقية والتي تم إطلاقها في شهر ديسمبر 2018 وهكذا فإن المشهد يتطور بسرعة. ويتوقع خبراء الطاقة حول العالم أن يتخذ سوق الطاقة المتجددة العالمي توجهات لتطوير هذا القطاع كما يلي.
ستة توجهات لصناعات الطاقة المتجددة سيشهدها العالم في العام المقبل
1. تخزين الطاقة
من الأمور الجوهرية في تقييم جدوى الإعتماد على نوعية معينة من الطاقة توافر الحجم اللازم من الطاقة الثابتة اللازمة للاستهلاك وهو ما يجعل تخزين الطاقة أمراً حتمياً وذلك كونه يمثل الحل الأمثل لتحقيق التوازن بين كمية الطاقة المتاحة للاستخدام وإمدادات الطاقة من جهة وبين معدلات الطلب عليها من جهة أخرى ولكن تكمن المشكلة الحقيقية في المعدلات المتقطعة أو غير الثابتة التي تواجهها صناعات الطاقة المتجددة وبخاصة الطاقة الشمسية.فالأمر مرتبط بظروف طبيعيه ومناخية لا يمكن التحكم بها. لذلك يعتبر تخزين الطاقة هو الحل الأمثل والأساسي لمعالجه المسائل المتعلقه بثبات وإستمرارية الطاقة المتجددة. حيث أن ربط نظام لتخزين الطاقة بمصدر طاقة متجدد يضمن إمدادات طاقة سلسه وثابته ، حتى عندما لا تكون الظروف الجوية مثاليه لتوليد الطاقة. في هذا الإطار تعتبر البطاريات أكثر الأجهزة المستخدمة شيوعاً في عملية تخزين الطاقة في نظم الطاقة المتجددة ويتزايد استخدامها على النطاقين السكني وعلي نطاق إنشاء الشبكات. ومن المتوقع أن تستمر تكنولوجيات تخزين الطاقة في التحسن، مما ييسر استخدامها تقنياً وبتكلفة مادية معقولة. ومن المتوقع أن يمثل التخزين عنصراً أساسياً في جميع تكنولوجيات الطاقة الجديدة التي ستنتقل إلى المستقبل، حيث أن كلا من الحلول الخاصة بنطاق المنفعة وتخزين الطاقة المحلية تصبح أكثر تنافسيه في الأسعار، مما يؤدي إلى تأكل مزايا مصادر الطاقة التقليدية. كما ظهرت أفكار ذكية وخلاقة في قطاع تخزين الطاقة كإعادة تدوير بطاريات السيارات القديمة لتوفير تخزين الطاقة في الشبكة وأطاله عمرها كما في جزيرة بربادوس الكاريبية.
2. الشبكات المصغرة وتفعيل قدرات الذكاء الاصطناعي
الشبكات المصغرة هي شبكات الطاقة المحلية التي تعمل أما بشكل مستقل أو من خلال الاتصال بشبكه تقليديه أكبر. تتميز الشبكات المصغرة بكونها تجمع أفضل مميزات خلايا الطاقة الشمسية لجميع المستخدمين كونها توفر الاستقلال والكفاءة والحماية في مجال الطاقة اثناء حالات الطوارئ. كما أن الجيل الجديد من الشبكات المصغرة يستخدام قدرات تفاعلية ترفع معدلات الإستجابة لمتغيرات البيئة (الذكاء الاصطناعي) مما يسمح بالتكيف المستمر مع المحيط وتحسين العملية الإنتاجية. وقد أصبح نشر الشبكات المجهرية أسرع بكثير ، حيث تسمح البرمجيات الجديدة بالانتهاء من التصاميم و تفعيلها في يوم واحد. فقد تم مؤخرا تصميم وتداول مجموعه أدوات متقدمة لتصميم الشبكات المصغرة التي توفر حلولاً تقنيةً جاهزةً تختصر ما يصل إلى 90 ٪ من الوقت والتكلفة التي تستهلكها الأساليب التقليدية.
3. انتشار مفهوم ما يعرف بسلسة الطاقة. فيما يطلق عليه blockchain وعلاقتة بإنترنت الاشياء
في عام 2019 سنشهد توسعاً في استخدام تكنولوجيا blockchain في سوق الطاقة. كما يمكننا تعريف مفهوم ال Blockchain على أنه دفتر أستاذ رقمي غير قابل للتعديلات (مما يقلل احتماليات التلاعب أو الاحتيال) يقوم هذا الدفتر بإجراء المعاملات وتسجيلها من خلال شبكه آنية ذكية تتمتع بالشفافية والدقة بالإضافة إلى كونها متاحة للجميع بشكل آني (في وقت حدوثها).
الفائدة التي تحققها استخدام هذه التقنية ناتجة عن عدم وجود مركزيه في blockchain مما يجعلها مثاليه للقضاء على الوسطاء في أوساط موردي خدمات الكهرباء. كما انه يقلل من عدم المساواة في فرص وكفاءة وأسعار الحصول على الطاقة.
اقتران تكنولوجيا blockchain مع الأجهزة اليومية التي نستخدمها لتلقي ونقل المعلومات، والتي يشار إليها الآن عاده باسم إنترنت الأشياء (IOT)، لذلك فإنه من المتوقع أن يكون لها تأثير عميق علي أنظمه الطاقة الشمسية. فمع استخدام التطبيقات الصحيحة، يمكن للأجهزة بشكل مستقل شراء وبيع الطاقة في الأوقات المثلي، وتحسين إعدادات نظام الطاقة في سياق الوقت الحقيقي ورصد وتحليل أداء الأجهزة المستهلِكة للطاقة. وقد بدأت هذه التكنولوجيات تستخدم للمشاريع الرائدة، مثل ميكروغريد بروكلين. وينطوي المشروع على شبكة صغيرة تعمل بالطاقة المجتمعية يقوم أصحابها بشراء وبيع الطاقة لبعضهم البعض عبر تكنولوجيا blockchain. ونجاح المشاريع من هذا القبيل يكفل تنفيذها علي نطاق أوسع.
4. التعادل الشبكي وأثره على التكاليف
ماذا يعني التعادل الشبكي في الأساس؟
التعادل الشبكي مصطلح يطلق على المستوى السعري الذي يتساوى ويقل عنده تكلفة إنتاج كمية معينة من الطاقة الكهربائية بواسطة أحد مصادر الطاقة النظيفه وبخاصة الطاقة الشمسية مع تكلفه االحصول على نفس الكمية من الكهرباء عن طريق الشبكات التقليدية.
الأمر المبشر بالمزيد من التقدم هو قدرة المختصين على تحقيق هذا التكافؤ _الميزة التنافسيه_ خاصة في الطاقة الشمسية والرياح فقد وصلت بعض المناطق في العالم إلى تحقيق التكافؤ في السعر والأداء في العديد من المناطق ، ولا زال العمل مستمراً حيث تواصل التكنولوجيات الجديدة صقل ميزتها التنافسية بشكل مستمر.
بالإضافة إلى كون الطاقة المتجددة وخاصة الطاقة الشمسية طاقة متحركة _ والمقصود بهذا التعبير كونها مكونة من تصميمات للألواح الشمسية والبطاريات وباقي أجزاء النظام والتي يمكن تركيبها في أي مكان مشمس في العالم ما يعني قدرة السكان في المناطق المختلفة على تركيبها والإستعاضه بها عن وصلات الكهرباء الحكومية في المناطق التي يصعب وصول تلك الأخيرة اليها، لذا تعمل المصادر المتجددة الآن على تعزيز موثوقية الشبكة وثباتها ومرونتها. ومع استخدام blockchain، والذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات الأوتوماتيكية تصبح الطاقة الشمسية والرياح بالفعل أكثر كفاءه وفعالية من حيث التكلفة، كما أن التكنولوجيات المتطورة سوف تستمر في تحسين أسعارها وأداءها.
ومع الجمع بين الفوائد الاقتصادية والأثر البيئي الصديق للبيئة، يمكننا أن نتوقع أن نشهد انتقال الطاقة المتجددة من كونها مصدراً مقبولاً للطاقة إلى مصدراً مفضل في كافة دول العالم.
5. اتفاق باريس 2015 و الالتزامات الكبيرة
في كل يوم يتزايد الوعي البيئي بالتأثير السلبي للحصول على الطاقة من مصادرها التقليدية ناهيك عن ارتفاع تكلفتها مما يدفع عدد متزايد من الشركات والمدن والبلدان إلى أن تتبني خطط خفض الانبعاثات الكربونية وتطبيق هذه الخطط خاصة المتعلقة بالمناخ لتحقيق هدف الحد من ارتفاع درجه الحرارة العالمية.
وحتى الآن، أعلنت أكثر من 100 مدينه في جميع أنحاء العالم أن ما لا يقل عن 70 % من إنتاجها من الطاقة تم إنتاجها من خلال مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، كما أن هناك أكثر من 40 مدينة حول العالم تعمل حالياً على إنتاج 100 % من الكهرباء من خلال مصادر الطاقة المتجددة. كما تعهد مئات آخرون بالعمل من أجل تحقيق هدف توليد الطاقة بنسبه 100 % استناداً إلى مصادر متجددة.
اعترافاً بتأثير الوقود التقليدي علي تغير المناخ، التزمت 158 شركه حول العالم بالتحول إلى إستخدام مصادر الطاقة النظيفة/ المتجددة بنسبه 100 %.
وقد أتت هذه التحركات الإيجابية بعد أتفاق باريس 2015 حيث ألهمت هذه الاتفاقية العديد من هذه الشركات والبلدان لتقديم هذه الإلتزامات. وفي ضوء المعلومات الجديدة التي قدمها تقرير الفريق 2018 فإنة من المتوقع زيادة التحول من الوقود الاحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة من قبل العديد من المدن والمصانع والأفراد حول العالم.
6-التقدم المحرز في الحصول علي الطاقة في البلدان النامية
عند الحديث عن الابتكارات الجديدة الملهمة في مجال تكنولوجيا الطاقة، يصبح من السهل نسيان أن نسبة كبيرة من سكان العالم لا تزال تعاني من صعوبة إن لم يكن إستحالة الحصول على الطاقة على الإطلاق. فهناك بليون شخص يعيشون بدون كهرباء ومئات الملايين منهم لديهم مصادر طاقة غير ثابتة أو غير نظامية أو باهظة التكلفة. لذا فإن الحصول على الطاقة بالأساس يشكل معياراً أساسياً من معايير النمو خاصة في دول العالم الثالث والبلدان الفقيرة مما يجعل التغييرات التي تحدث في سوق الطاقة حلً مثالياً لمشكلة الوصول إلى الطاقة. ويمكن أن تمثل الشبكات الصغيرة المرتكزة على المجتمع المحلي أكثر الطرق فعالية من حيث التكلفة لتوفير طاقة ميسورة وموثوقة وآمنة لمن يعيشون حالياً بدونها. كما تعتبر نظم الطاقة النظيفة و المتجددة مثالية للعديد من المجتمعات المحلية التي لم تستطع الاستفادة من الاشكال المركزية التقليدية لتوليد الطاقة وإيصالها.
وفي حين ان السياسات كثيراً ما تقف في طريق التقدم، فإن تكنولوجيات الطاقة الجديدة والالتزامات التي قطعتها المجموعات الدولية مثل البنك العالمي والمؤسسة العامة للطاقة ترسي أساساً لأتاحت الطاقة للبلدان النامية. وباستخدام مقاييس التكلفة والأداء التي تتحسن باستمرار، يمكننا أن نتوقع أن نري مصادر الطاقة المتجددة منتشرة بشكل متزايد لتوفير الكهرباء للمجتمعات والمناطق التي بقيت طويلاً في الظلام.
عام جديد وشمس تشرق كل يوم بأمل جديد.