الطاقة المتجددة تغير وجه الاقتصاد العالمي وتغير وجه المملكة

شارك المقال

الطاقة المتجددة تغير وجه الاقتصاد العالمي، وتغير وجه المملكة.
ذكرت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “أرينا” في تقرير لها أن الطاقة المتجددة باتت مسألة دولية وأولوية أساسية لجميع بلدان العالم
وأنه وفقا للتحليلات الاقتصادية والتقارير أنه بحلول عام 2020، فإن كل تكنولوجيا الطاقة المتجددة المتوافرة تجاريا ستكون متساوية أو أرخص من منافسيها من الوقود الأحفوري.
أما عن المملكة فهنا رؤية رائده لمستقبل مشرق، وقيادة حكيمة اختارت أن تصل بالمملكة آفاقاً لم تصل اليها من قبل؛ في ظل عالم يعاني من ويلات الحروب وأثارها الاقتصادية المدمرة، يبدو المشهد الاقتصادي في المملكة بفضل الله في أفضل حالاته بمعدل نمو يتوقع أن يتجاوز 2.55% هذا العام.
نقلة نوعية في اقتصاد المملكة تهدف إلى تحقيق الإستخدام الأمثل للموارد والثروات العظيمة التي حباها الرحمن للملكة والإنتقال من الإعتماد على النفط كمصدر أساسي للطاقة والثروة معاً إلى تحقيق المزيج الامثل من الطاقة عن طريق الاهتمام بإنتاج الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة خاصة الطاقة الشمسية نظراً لتوافر مساحات شاسعة من المملكة يمكن استخدامها لإنشاء محطات الطاقة الشمسية بالإضافة إلى ملائمة المناخ لهذا النوع من الاستثمار. لذلك وفي ضوء الخطط التي تشمل تطوير جميع القطاعات في المملكة لتحقيق رؤية 2030 بدء تنفيذ خطة المملكة الطموحة في مجالات الطاقة المتجددة بشكل عام والطاقة الشمسية بشكل خاص، هذه الخطة شملت تطوير جميع القطاعات التي تدخل في تنفيذ مشروعات الطاقة الشمسية سواء كان ذلك على المستوى الفني والتقني أو على المستوى المالي والاداري، أو على مستوى فتح المجال للقطاع الخاص والاستثمار الأجنبي للمشاركة في هذه المشروعات الهائلة، وتزامن هذا بالطبع مع تطوير الكوادر البشرية من أبناء الوطن لتتحقق التنمية المستدامة بسواعدهم وعقولهم.
فبدأ تنفيذ مشروعات محطات الطاقة الشمسية في مناطق مختلفة من المملكة، وانتقلت المملكة نقلة حقيقية أدخلتها مركزاً ريادياً في قطاع الاقتصاد المستدام عندما قام ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتوقيع مذكرة التفاهم مع صندوق سوفت بنك لإنشاء أكبر مشروع طاقة شمسية على مستوى العالم بالشراكة مع صندوق الاستثمارات العامة وسوفت بنك، وغيرهما من الجهات المعنية في المملكة لتطوير عدد من المشاريع العملاقة في مجال الطاقة الشمسية والتي تبلغ قيمتها 200 مليار دولار وتقدر عائداتها بحوالي 12 مليار دولار سنوياً، ويتمثل الهدف الرئيس لهذه الاستثمارات إنشاء محطات تبلغ قدرتها 3 جيجا وات و4.2 جيجا وات بالإضافة إلى إنشاء مصانع لتصنيع وتطوير الألواح الشمسية بقدرة تتراوح بين 150-200 جيجا وات.
كل ذلك يهدف في النهاية إلى إنتاج 200 جيجا وات من الكهرباء من الطاقة الضوئية الشمسية؛ بحيث تصبح المملكة أكبر مُنتج لهذا النوع من الطاقة بحلول 2030.
اهتمام المملكة بقطاع الطاقة المتجددة وبخاصة الطاقة الشمسية انعكس بالإيجاب على كافة القطاعات الاقتصادية والتنموية بدءاً من التعليم وعمليات البحث والتطوير حيث أطلقت المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني برامج تدريبية في تخصص الطاقة المتجددة في 5 كليات تقنية في كل من: الرياض وحائل والمدينة المنورة والجوف وتبوك؛ بهدف توفير فرص تدريبية للسعوديين لتأهيلهم في هذا المجال، الذي يعتبر ثمرة التعاون المشترك بين المؤسسة ووزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية ومدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة.
وينتقل العمل على قدم وساق في قطاع الصناعات المتخصصة وذات الصلة بالطاقة الشمسية على كافة النواحي سواءً بالخطط والسياسات والبرامج الجاذبة للاستثمار أو بالاتجاه إلى توطين الصناعات، فالمملكة مؤهلة وبقوة للمنافسة في صناعة أضواء LED مثلاً، حيث يوجد فيها أفضل مصنع متكامل على مستوى العالم في استخراج الألومنيوم كمادة أولية في هذه الصناعة وصولاً إلى الإنتاج الكامل.
أما بالنسبة لتشجيع الاستثمار فقد تم وضع برامج استثمارية تفتح المجال وبقوة للقطاع الخاص والاستثمار الأجنبي للاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة حيث صرح مسؤول في وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، عن خطة الدعم الذي سيقدم للمصانع التي تعمل في الطاقة المتجددة سواء من خلال منح أراض أو إعفاءات جمركية أو قروض تصل إلى 75 في المائة من قيمة المشروع.
فور هذا الإعلان تقدمت 100 شركة من 35 دولة بطلبات لتنفيذ سبع مشاريع للطاقة المتجددة في السعودية من أصل 12 مشروع سينفذ خلال العام الجاري، باستثمارات متوقعة تصل إلى نحو 5.7 مليار ريال (1.52 مليار دولار) لتوليد 1.51 جيجا وات.
هذا بالإضافة إلى وجود ثمانية تحالفات استثمارية عالمية في مشروع سكاكا، إضافة إلى دخول نحو تسع شركات سعودية مع هذه التحالفات، الأمر الذي سيسهم في إيجاد عديد من الوظائف وفتح مصانع واستثمارات جديدة في المملكة.
تلا ذلك إفتتاح وبدء تشغيل أولى ثمرات هذا العمل الجاد حيث تم افتتاح مشروع دومة الجندل ومشروع ليلى بمحافظة سكاكا بنجاح وتبعه إعلان منطقة الجوف عاصمة للطاقة المتجددة.
وبين هذا وذاك لم تتوقف القرارات التي أعتقد أنه من المنصف أن نطلق عليها “مفاتيح التنمية” والتي تتخذها الإدارة الحكيمة للبلاد لتنمية كافة نواحي الحياة والارتقاء بالمواطن السعودي علماً وعملاً.
الجدير بالذكر أنه منذ تم الإعلان عن الفرص العظيمة للاستثمار في قطاعات الطاقة الشمسية بالمملكة والدعم الهائل الذي تقدمه الحكومة السعودية في هذا المجال؛ والذي يتضمن منح وإعفاءات وقروض تصل إلى 75% من قيمة المشروع، تقدمت مئات الشركات الوطنية والأجنبية للمشاركة في تنفيذ 12 مشروعاً للطاقة الشمسية من المقرر أن يتم تنفيذها خلال العام الجاري. الأمر الذي يعني توفير آلاف الوظائف والتي من المقرر أن يتم توطين 60% منها على الأقل.
جدير بالذكر أن أهم أهداف برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030 هو تفعيل وتعزيز دور الطاقة المتجددة وزيادة مساهمتها في مزيج الطاقة الوطني حيث تتضمن الأهداف انتاج 9.5 جيجاوات كمرحلة أولى بحلول عام 2023م تشمل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الجيوحرارية، وتحويل النفايات إلى طاقة لتصبح السعودية مركزاً ريادياً للطاقة المتجددة خلال السنوات العشر المقبلة بقدرة توليد تتعدى 200 جيجاواط، بدءاً من التصنيع المحلي ووصولاً إلى تطوير المشاريع محلياً ودولياً.
ولنجمل المشهد لك عزيزي القارئ يكفي أن نذكرك ببعض الحقائق الاقتصادية لهذا العام، والتي بدأت بالموازنة العامة التي بلغ فيها الإنفاق مستويات قياسية بلغت 978 مليار ريال، تضمنت 200 مليار ريال مخصصة لحزمة تحفيز القطاع الخاص.
هذا كما تم تدشين حزمة من المشاريع الصناعية واللوجستية بمبلغ 27 مليار ريال في عام 2019.
هذا وقد أطل خادم الحرمين الشريفين على المملكة منذ أيام ليضع حجر أساس 1281 مشروعاً يشمل جميع القطاعات التنموية في منطقة الرياض، بتكلفة بلغت 82 مليار ريال.
ولأن العمل الجاد لابد وأن يؤتي ثماره العظيمة فلم يتوقف الإنجاز في قطاع الطاقة المتجددة وعلوم الفضاء على الأرض، وإنما امتد ليطال عنان السماء حيث أطلقت المملكة في الثامن من شهر فبراير أول قمر صناعي سعودي بالكامل بعد توقيع ولي العهد الامير محمد بن سلمان عبارة صاغ فيها طموحه ورؤيته للمملكة والتي كتب فيها ” فوق هام السحب”
وفي هذا الاتجاه فإن صناعة القمر السعودي للاتصالات، الذي جرى تطويره، بالتعاون مع شركة لوكهيد مارتن، وبتأهيل عدد من المهندسين السعوديين، وفق المعايير التي تعتمدها الشركة في جميع مراحل التصنيع والاختبار بهدف نقل خبرات التصنيع والاختبارات الخاصة بتقنيات الأقمار الصناعية الضخمة والمخصصة للاتصالات الفضائية في المدار الثابت، كما أنه سيتم تشغيل القمر وإدارته والتحكم فيه عبر كوادر وطنية، وتم إطلاقه باستخدام أنظمة دفع هجينة “كهربائية وكيميائية”، ساعدت على تقليل وزن القمر، وزيادة عمره الافتراضي؛ إذ يبلغ وزنه 6.5 طن، وعمره الافتراضي أكثر من 20 عاماً، كما أنه يحمل ألواح شمسية عالية الكفاءة؛ تقوم بتوليد الطاقة بقدرة إجمالية تتجاوز 20 كيلو وات.
ومع صناعة هذا القمر والنجاح في إطلاقه، فإن المملكة تضع لنفسها قدماً في سوق الاتصالات العالمية والتكنولوجيا المتقدمة، وتطمح لريادة سوق الطاقة المتجددة بشكل عام والطاقة الشمسية بشكل خاص. ليتحقق الحلم وترسم شمس المملكة مستقبل أجمل يتجدد كل صباح.

شارك المقال